الإبانة في كشف شبهات من أباح الاستعانة
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف أنبياء الله وسيد المرسلين
وبعد :
فقد استدل أهل العلم قديما وحديثا في منع سؤال الجن و الاستعانة بهم بأدلة قوية بينة ، ظاهرة واضحة
وقد رأيت تشغيب أحد كتاب المنتديات على هذه الأدلة والحجج ، وزعم أنه قد كتب الجواب الكافي عليها وأزال الإشكال فيها و إضافة على ذلك أنه قام بالتنقص من مخالفيه ، من أنهم صبايا رضع ، وقلة حيلة وهوان على الناس ! وهو يعلم أن هؤلاء الإخوة تبع لعلمائهم الربانيين فيما قالوه
ولكن بعض الناس قد لا يجرؤ أن يطعن الطعن الصريح في العلماء إنما يأخذ ويطعن ويقدح فيمن أخذ بأقوالهم ومشى على طريقهم وأرجو أن لا يكون من هؤلاء !
وأما ما أثاره حول أدلة العلماء في تحريم الاستعانة
فقد قرأت ما كتبه ، وتمعنت فيما سطره
ووجدتها كما قال القائل :
شبه تهافت كالزجاج تخالها …. حقا وكل كاسر مكسور
فهذا رد على إشكالاته وكشف لبعض شبهاته
ومن الله أستمد العون .
وهذا أوان الشروع في المقصود :
قال الأخ المستعين بالجان :
(أدلة القائلين بالحرمة والجواب عليها !
الدليل الأول :
يقول تعالى : ( وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنْ الْإِنسِ يَعُوذُونَ بِرجَالٍ مِنْ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا ) ( سورة الجن – الآية 6 )
الجواب :
هذه استعاذة وليست استعانة والفرق بينهما واضح جلى لايخفى على طالب علم ، فالاستعاذة لاتكون إلا بالله أما الاستعانة بغير الله فيما يقدر عليه المخلوق فهى جائزة .
أقول وأنا المستعين بالله :
أولا:
كلامك ليس على إطلاقه وقد خفيت عليك هذه المسالة وأنت القائل :لا يخفى على طالب علم !
فالاستعاذة أيها المكرم ! تكون بالله و قد تكون أيضا بالمخلوق كحال الاستعانة وحال الاستغاثة
قال الشيخ العلامة محمد بن صالح العثيمين ـ رحمه الله ـ في القول المفيد :
أما الاستعاذة بالمخلوق، ففيها تفصيل، فإن كان المخلوق لا يقدر عليه، فهي من الشرك، قال شيخ الإسلام ابن تيمية: “لا يجوز الاستعاذة بالمخلوق عند أحد من الأئمة”، وهذا ليس على إطلاقه، بل مرادهم مما لا يقدر عليه إلا الله، لأنه لا يعصمك من الشر الذي لا يقدر عليه إلا الله، سوى الله.
ومن ذلك أيضا الاستعاذة بأصحاب القبور، فإنهم لاينفعون ولا يضرون، فالاستعاذة بهم شرك أكبر، سواء كان عند قبورهم أم بعيدا عنهم.
أما الاستعاذة بمخلوق فيما يقدر عليه، فهي جائزة، وقد أشار إلى ذلك الشارح الشيخ سليمان في “تيسير العزيز الحميد”، وهو مقتضى الأحاديث الواردة في “صحيح مسلم” لما ذكر النبي صلى الله عليه وسلم الفتن، قال: ” فمن وجد من ذلك ملجأ، فليعذ به “1.
وكذلك قصة المرأة التي عاذت بأم سلمة2 والغلام الذي عاذ بالنبي صلى الله عليه وسلم3 وكذلك في قصة الذين يستعيذون بالحرم والكعبة4 وما أشبه ذلك.
وهذا هو مقتضى النظر، فإذا اعترضني قطاع طريق، فعذت بإنسان يستطيع أن يخلصني منهم، فلا شيء فيه. لكن تعليق القلب بالمخلوق لا شك أنه من الشرك، فإذا علقت قلبك ورجاءك وخوفك وجميع أمورك بشخص معين، وجعلته ملجأ فهذا شرك، لأن هذا لا يكون إلا لله.
وعلى هذا، فكلام الشيخ رحمه الله في قوله: “إن الأئمة لا يجوزون الاستعاذة بمخلوق” مقيد بما لا يقدر عليه إلا الله، ولولا أن النصوص وردت بالتفصيل لأخذنا الكلام على إطلاقه، وقلنا: لا يجوز الاستعاذة بغير الله مطلقا.أهــ .
وقال معالي الشيخ صالح آل الشيخ :
والاستعاذة كما ذكرنا لها جهتان : جهة ظاهرة ، وجهة باطنة ، أما الجهة الباطنة وهي : الالتجاء ، والاعتصام ، والرغب ، والرهب ، وإقبال القلب على المستعاذ به ، فهذه لا تصلح إلا لله .
والاعتماد في الاستعاذة على المخلوق فيما أقدره الله عليه جائز ، ؛ لأن الاستعاذة بالمخلوق ظاهرا فيما أقدره الله عليه جائزة ؛ لهذا ” كان يكره أن يقول : أعوذ بالله وبك “. أهــ .
قلت : والله قد ذم مطلق استعاذة المشركين بالجن ، فيبقى الحكم شاملا لجميع الأنواع لا سيما إن علمنا أن المشركين كانت استعاذتهم من باب أن يجيروهم و في أمر غير معجز للجن أن يفعلوه . وكانوا يسمعونهم وقد يجيبون ما سألوا فلذلك زادوهم رهقا !
وثانيا : أما قولك أن الفرق بين الاستعاذة والاستعانة لا يخفى على طالب علم
فأقول :
الذين استدلوا بهذه الآية في تحريم الاستعانة هم جبال العلم وكبار علماء السنة قديما وحديثا ، ولا تظن أنهم قد خفي عليهم أن الاستعانة طلب العون والاستعاذة طلب العوذ ، ولكن هذا الفرق الذي تقصده لم يفصل عندهم الاستعاذة عن الاستعانة بل الاستعاذة جزء من الاستعانة ، فلذلك قد يسمون المستعيذ مستعينا ،
قال ابن كثير ـ عليه رحمة الله ـ :
( وأما استمتاع الجن بالإنس فإنه كان -فيما ذكر -ما ينال الجنّ من الإنس من تعظيمهم إياهم في استعانتهم بهم، فيقولون: قد سدنا الإنس والجن.) أهــ .
فهنا سماها المفسر ابن كثير رحمه الله تعالى الاستعاذة بالجن استعانة
ولو قال قائل : أطلب العون من فلان أن يجيرني من أعدائي !
لكان هذا مستعيذا وأيضا مستعينا ولأعطيته أحكام الاستعانة أو الاستعاذة ولا فرق ، ولا وجه أن تمنع أحدهما دون الآخر .
وثالثا :
مقام الاستعانة بالله من حيث العموم أعظم شأنا من مقام الاستعاذة ( إياك نعبد وإياك نستعين ) ، فسد الذرائع المفضية إلى الشرك فيه أولى من الاستعاذة
لذلك ذكر العلماء في أوجه ذم المستعيذين بالجن عند كلامهم على هذه الآية أن استعاذة أولئك المشركين كانت تشبه سؤال الموتى والغائبين .
مع أن الجن كما قلنا كانوا يسمعون استعاذتهم ولربما أجابوهم أحيانا
وهكذا أهل الاستعانة بالجن ففيهم شبه بمن يسأل الغائبين ، حفظ مقام عبودية الاستعانة أولى من حفظ مقام عبودية الاستعاذة
سئل الشيخ محمد بن إبراهيم – رحمه الله – عن الاستعانة بالجن وقولهم : خذوه، انفروا به الخ، فقال في مجموع فتاويه : وهذه كلمات لا تجوز من ثلاثة أوجه مأخوذة من ظاهر هذه الألفاظ :-
ثم قال في الوجه الثاني :
إنه طلب من الجن فيدخل في سؤال الغائبين الذي يشبه سؤال الأموات، وفيه رائحة من روائح الشرك 0
@@@
قال الأخ المستعين بالجان :
( يقول تعالى : ( وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا يَامَعْشَرَ الْجِنِّ قَدْ اسْتَكْثَرْتُمْ مِنْ الإِنسِ وَقَالَ أَوْلِيَاؤُهُمْ مِنْ الإِنسِ رَبَّنَا اسْتَمْتَعَ بَعْضُنَا بِبَعْضٍ وَبَلَغْنَا أَجَلَنَا الَّذِى أَجَّلْتَ لَنَا قَالَ النَّارُ مَثْوَاكُمْ خَالِدِينَ فِيهَا إِلا مَا شَاءَ اللَّهُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ ) ( سورة الأنعام – الآية 128 )
فهذا استمتاع محرم كما هو فى الاية
وبعد :
فقد استدل أهل العلم قديما وحديثا في منع سؤال الجن و الاستعانة بهم بأدلة قوية بينة ، ظاهرة واضحة
وقد رأيت تشغيب أحد كتاب المنتديات على هذه الأدلة والحجج ، وزعم أنه قد كتب الجواب الكافي عليها وأزال الإشكال فيها و إضافة على ذلك أنه قام بالتنقص من مخالفيه ، من أنهم صبايا رضع ، وقلة حيلة وهوان على الناس ! وهو يعلم أن هؤلاء الإخوة تبع لعلمائهم الربانيين فيما قالوه
ولكن بعض الناس قد لا يجرؤ أن يطعن الطعن الصريح في العلماء إنما يأخذ ويطعن ويقدح فيمن أخذ بأقوالهم ومشى على طريقهم وأرجو أن لا يكون من هؤلاء !
فقد قرأت ما كتبه ، وتمعنت فيما سطره
ووجدتها كما قال القائل :
شبه تهافت كالزجاج تخالها …. حقا وكل كاسر مكسور
فهذا رد على إشكالاته وكشف لبعض شبهاته
كلامك ليس على إطلاقه وقد خفيت عليك هذه المسالة وأنت القائل :لا يخفى على طالب علم !
فالاستعاذة أيها المكرم ! تكون بالله و قد تكون أيضا بالمخلوق كحال الاستعانة وحال الاستغاثة
أما الاستعاذة بالمخلوق، ففيها تفصيل، فإن كان المخلوق لا يقدر عليه، فهي من الشرك، قال شيخ الإسلام ابن تيمية: “لا يجوز الاستعاذة بالمخلوق عند أحد من الأئمة”، وهذا ليس على إطلاقه، بل مرادهم مما لا يقدر عليه إلا الله، لأنه لا يعصمك من الشر الذي لا يقدر عليه إلا الله، سوى الله.
ومن ذلك أيضا الاستعاذة بأصحاب القبور، فإنهم لاينفعون ولا يضرون، فالاستعاذة بهم شرك أكبر، سواء كان عند قبورهم أم بعيدا عنهم.
أما الاستعاذة بمخلوق فيما يقدر عليه، فهي جائزة، وقد أشار إلى ذلك الشارح الشيخ سليمان في “تيسير العزيز الحميد”، وهو مقتضى الأحاديث الواردة في “صحيح مسلم” لما ذكر النبي صلى الله عليه وسلم الفتن، قال: ” فمن وجد من ذلك ملجأ، فليعذ به “1.
وكذلك قصة المرأة التي عاذت بأم سلمة2 والغلام الذي عاذ بالنبي صلى الله عليه وسلم3 وكذلك في قصة الذين يستعيذون بالحرم والكعبة4 وما أشبه ذلك.
وعلى هذا، فكلام الشيخ رحمه الله في قوله: “إن الأئمة لا يجوزون الاستعاذة بمخلوق” مقيد بما لا يقدر عليه إلا الله، ولولا أن النصوص وردت بالتفصيل لأخذنا الكلام على إطلاقه، وقلنا: لا يجوز الاستعاذة بغير الله مطلقا.أهــ .
والاعتماد في الاستعاذة على المخلوق فيما أقدره الله عليه جائز ، ؛ لأن الاستعاذة بالمخلوق ظاهرا فيما أقدره الله عليه جائزة ؛ لهذا ” كان يكره أن يقول : أعوذ بالله وبك “. أهــ .
مقام الاستعانة بالله من حيث العموم أعظم شأنا من مقام الاستعاذة ( إياك نعبد وإياك نستعين ) ، فسد الذرائع المفضية إلى الشرك فيه أولى من الاستعاذة
مع أن الجن كما قلنا كانوا يسمعون استعاذتهم ولربما أجابوهم أحيانا
وهكذا أهل الاستعانة بالجن ففيهم شبه بمن يسأل الغائبين ، حفظ مقام عبودية الاستعانة أولى من حفظ مقام عبودية الاستعاذة
ثم قال في الوجه الثاني :
إنه طلب من الجن فيدخل في سؤال الغائبين الذي يشبه سؤال الأموات، وفيه رائحة من روائح الشرك 0
( يقول تعالى : ( وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا يَامَعْشَرَ الْجِنِّ قَدْ اسْتَكْثَرْتُمْ مِنْ الإِنسِ وَقَالَ أَوْلِيَاؤُهُمْ مِنْ الإِنسِ رَبَّنَا اسْتَمْتَعَ بَعْضُنَا بِبَعْضٍ وَبَلَغْنَا أَجَلَنَا الَّذِى أَجَّلْتَ لَنَا قَالَ النَّارُ مَثْوَاكُمْ خَالِدِينَ فِيهَا إِلا مَا شَاءَ اللَّهُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ ) ( سورة الأنعام – الآية 128 )
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق